ذكريات الطفلولة عن حرب أكتوبر أقسام الشرطة خلت من محاضر الجرائم
بين السطور
نجوى عبد العزيز
الجمعة 11/أكتوبر/2024 – 0208 م 11/10/2024 20842 م
عندما تقترب ذكرى انتصار أكتوبر، أشعر بنوع خاص من السعادة يتدفق في كياني، لكنها تسيطر على مشاعري بنوع خاص من الفخر. إنها فرحة محفورة في الذاكرة والقلب وممتزجة بذكريات طفولتي مع أهلي وجيراننا الطيبين، سواء في القرية الجميلة الطيبة أو في مدينة القاهرة الهادئة في ذلك الوقت. كانت عائلتي تتنقل بين هنا وهناك، لذلك هناك الكثير من الذكريات من الأوقات الجميلة لطفولتنا البريئة، ورغم أن أحداث حرب أكتوبر المعجزة وقعت خلال تلك الفترة من طفولتي في المرحلة المتوسطة من المرحلة الابتدائية، إلا أنني كنت لأستمد فرحتي وقلقي من وجوه أهلي وجيراننا وأرى اللهفة. في القلوب والعقول عندما اتجه الجميع إلى الراديو، فهو المتنفس الوحيد لمعرفة أخبار الأبطال الصائمين الذين يدافعون عن وطننا الحبيب في الجبهة، بالإضافة إلى الصحف اليومية التي كان الجميع يقفون في طوابيرها في الصباح لشراء تلك الصحف من أكشاك بيع الصحف قبل شراء وجبة الإفطار، وكان الجميع يقفون لقراءتها قبل المغادرة. كان بائع الجرائد كأنه يبحث عن نتيجة امتحان أو وظيفة أو أكثر من ذلك، وامتلأت تلك الأماكن بهتافات الله أكبر، مصر منتصرة، وكنا أطفال نردد التكبير وهتاف خلفهم فرحة غامرة تفوق أي فرحة في الوجود. إن حرب أكتوبر المجيدة كانت وستظل حرب إرادة، حرب تحرير حقيقية.
عندما تقترب ذكرى أكتوبر أهرع إلى مكتبة والدي الخاصة رحمه الله، وأتصفح كل الصحف التي كان يشتريها أيام الحرب، والتي كان والدي يحرص دائمًا على الحفاظ عليها. ووصفهم بأنه كنز وفخر لشجاعة الجيش الباسل والشعب الواعي. وكان يأتي ببعض منها أمامنا في كل ذكرى سنوية ويعيد قراءتها ويحكي قصتها. في كل مرة لدينا معلومات مثيرة للاهتمام تشعرك بالفخر والاعتزاز، وكنت أحرص على ذلك، ولا يخلو من ما قرأته في تلك الصحف عن الانتصارات طوال الحرب المعجزة. ما لفت انتباهي هذه المرة هو الإحصائيات المنشورة التي تقول إنه طوال أيام الحرب لم يسجل أي قسم شرطة أو نيابة أي بلاغ. سرقة، أو بلاغ اعتداء، أو مشاجرة بين جار وجاره، أو أخ وأخيه. والغريب أيضاً أن البعض أكد أن هذه الفترة شهدت تراجعاً في معدل الجريمة خلال الحرب حتى اقترب من الصفر منذ أن بدأ الناس يسمعون أول بيان عبر الراديو. والشدة تظهر أخلاق الرجال بشكل خاص وأخلاق الشعب المصري بشكل عام. كما ترى أن معظم المجرمين أعلنوا توبتهم أثناء الحرب. كنت صغيرا وكان يسود مبدأ يلتزم به الجميع دون نقاش. لقد جاء من قلب المصريين عندما اقترب عيد الفطر أن لا تصنع جميع النساء الكعك والبسكويت على الإطلاق. وتضامن الجميع مع جيشنا في الجبهة قلباً وروحاً، وشعر أبناء جيشنا العظيم بالدعم المعنوي. من عائلاتنا إلى أبنائهم على الجبهة الذين تمكنوا من تدمير الدفاعات المحصنة على خط بارليف، وتلقى العدو ضربة موجعة دمرت أسطورة الجيش الذي لا يقهر. تحيا مصر وجيشها العظيم. ورحم الله شهداء جيشنا الذين تلطخت أرض سيناء بدماءهم الطاهرة بعد تطهيرها من الأعداء. والحمد لله رب العالمين. ربي اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من الثمرات..، نجوى